هدايات الكتاب العزيز:
يكتبه: عبدالرحيم بن عبدالرحمن آل حمودة المصري، المكي إقامة.
للاشتراك في القناة (تليجرام):
https://t.me/ABD222- ننتقل إلى بعض هدايات الآية رقم (٣٦)، من سورة التوبة:
﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهورِ عِندَ اللَّهِ اثنا عَشَرَ شَهرًا في كِتابِ اللَّهِ يَومَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ مِنها أَربَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدّينُ القَيِّمُ فَلا تَظلِموا فيهِنَّ أَنفُسَكُم وَقاتِلُوا المُشرِكينَ كافَّةً كَما يُقاتِلونَكُم كافَّةً وَاعلَموا أَنَّ اللَّهَ مَعَ المُتَّقينَ﴾ [التوبة: ٣٦]:
١- فيها: أهمية التوكيد في الخطاب؛ لقوله: {إنَّ} توكيد. وقيل: "إنَّ" تأكيد يشبه اليمين. قال ابن عاشور في التحرير: وافتتاح الكلام بحرف التوكيد للاهتمام بمضمونه لتتوجه أسماع الناس وألبابهم إلى وعيه.
٢- تفيد: أن الحكم لله وحده؛ لقوله: {عند الله}. وعليه: فالشهور ملك لله، لا يجوز إحداث عيد إلا بإذن منه سبحانه.
٣- تفيد: أن السنة والأشهر المعتبرة شرعا، الأشهر الهلالية - القمرية؛ بدليل: {منها أربعة حرم}. وعليه: فالتقويم الهجري هو الأصل وهو المعتبر؛ فينبغي مخالفة المشركين في تقويمهم (١).
٤- فيها: العدد والإحصاء؛ لقوله: {إن عدة الشهور}، أي: عدد الشهور. وقول الله: {وأحصوا العدة}، أي: احفظوا عددها. وقوله: {لتعلموا عدد السنين والحساب}.
٥- تفيد: أن الله فضّل الأزمان بعضها على بعض؛ لقوله: { مِنها أَربَعَةٌ حُرُمٌ}.
٦- تفيد: أن التحريف وإنساء الشهور - كما فعله المشركون قديما - طارئ؛ لقوله: {يوم خلق السماوات والأرض}، أي: من أول ما خلق السماوات والأرض.
٧- فيها: الإيمان باللوح المحفوظ، وما كتب فيه؛ لقوله: {في كِتابِ اللَّهِ}، أي: اللوح المحفوظ.
٨- تفيد: أن المعاصي، ظلم للنفس؛ لقوله: {فلا تظلموا فيهن أنفسكم}. وكما قال: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}.
٩- تفيد: أن تجنب المعاصي، يعين على قتال المشركين؛ لقوله: {فَلا تَظلِموا فيهِنَّ أَنفُسَكُم وَقاتِلُوا المُشرِكينَ}.
١٠- فيها: وجوب قتال المشركين؛ لأن الأمر للوجوب.
١١- تفيد: أن التقوى، تعبد وجهاد معا؛ لأنه تعالى بعد أن ذكر ما يتعلق بالشهور وتجنب المعاصي، أمر بقتال المشركين.
١٢- فيها: تذكير المجاهدين بتقوى الله - عز وجل. ففيها: تلميح بأن التقوى تجلب النصر. والشواهد كثيرة.
١٣- فيها: إثبات معية الله الخاصة؛ {واعلموا أن الله مع المتقين}.
١٤- تفيد: أن سنة الله لا تتبدل ولا تتغير؛ مهما حاول الناس؛ لقوله: {يَومَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ}. وقول الله: {ولن تجد لسنتنا تحويلا}.
١٥- فيها: الإيمان بحرمة الأشهر الحرم الأربعة، وهي: رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم.
١٦- فيها: أن الإسلام وحده، هو الدين القيم؛ ولما اشتمل عليه واجتمع فيه ما لم يجتمع في غيره من الأديان.
١٧- فيها: فضل وعنايته بخلقه وأنه لم يخلقهم هملا؛ حيث جعل لهم هذه الشهور، وحذرهم من ظلمهم لأنفسهم. وقول الله: {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس}، وقوله: {هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب}.
١٨- تفيد: وجوب البراءة من المشركين، واتخاذهم أعداء.
١٩- تفيد: أن التقوى تتأكد عند قتال المشركين؛ كما أن اتقاء الظلم يتأكد في الأشهر الحرم.
٢٠- فيها: بيان عداوة المشركين للمسلمين؛ لقوله: {كما يقاتلونكم كافة}، عن قوس واحدة.
٢١- تفيد: أن الإسلام دين العدل؛ فهو حرب على من حاربه سلم على من سالمه؛ فليس فيه جبن ولا بغي.
٢٢- فيها: بيان لشناعة الشرك وأنه أظلم الظلم؛ لأن المشرك يسوي بين هذا الخالق الذي خلق السماوات والأرض وحكم وشرع، وبين معبودات وأصنام عاجزة لا تفعل شيئا من ذلك.
٢٣- فيها: أن دين الإسلام، هو الدين القيم المستقيم لا اعوجاج فيه.
٢٤- تفيد، وبضميمة ما بعدها: أن المشركين وكثيرا من الأحبار والرهبان، مفسدون في الأرض؛ ومن إفسادهم: تغيير الحقائق والتواريخ والأحداث؛ لقوله بعدها: {إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما}. وبضميمة السابق: {إن كثيرا من الأحبار والرهبان ...}.
٢٥- تفيد: أن ظلم النفس يعظم في أوقات وأزمنة دون غيرها؛ لقوله: {فلا تظلموا فيهن أنفسكم}؛ وإلا فالواجب عدم ظلم النفس في كل وقت.
وعليه: فالذنوب تتفاوت؛ فمنها الصغير والكبير؛ بدليل ما بعدها: {إنما النسيء زيادة في الكفر}.
٢٦- فيها: شرف وعظم شأن اللوح المحفوظ؛ لقوله: {في كتاب الله}؛ فأضافه لنفسه - إضافة تشريف. ولأن الله كتب فيه كل شيء. وحسبك بقول الله: {بل هو قرآن مجيد * في لوح محفوظ}.
٢٧- فيها: العدل والقسط؛ ففيها الأمر بقتال المشركين جميعا، كما يقاتلون المسلمين جميعا؛ الله يقول: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}.
٢٨- تشير إلى: عدم الخشية من أعداد الكفار مهما كثرت؛ لقوله: {واعلموا أن الله مع المتقين}.
٢٩- تشير إلى: أن الزكاة تجب بحلول هذه الأشهر القمرية؛ بدليل ما قبلها. وعليه: ففيها: مناسبة لما قبلها.
٣٠- تفيد: عدم التخلف عن قتال المشركين؛ لقوله: {كافة}. على قاعدة: {فانفروا ثبات أو انفروا جميعا} حسب المصلحة. المهم عدم التخلف {انفروا خفافا وثقالا}.
٣١- تفيد: أن الله قد أنجز وعده، وأنه أظهر الإسلام على غيره من الأديان، وأن الزمان قد رجع كما خلقه الله؛ ففي الحديث المتفق عليه مرفوعا: "الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهرا؛ منها أربعة حرم، ..."
وهذا تصديق لقوله: {ليظهره على الدين كله}.
...........................
(١): قال ابن عاشور في التحرير والتنوير: "والمُرادُ بِالشُّهُورِ: الشُّهُورُ القَمَرِيَّةُ بِقَرِينَةِ المَقامِ؛ لِأنَّها المَعْرُوفَةَ عِنْدَ العَرَبِ وعِنْدَ أغْلَبِ الأُمَمِ، وهي أقْدَمُ أشْهُرِ التَّوْقِيتِ في البَشَرِ وأضْبَطُها... ".