أركان الإسلام ومعنى الشهادتين
س: ما هي أركان الإسلام؟
ج. أركان الإسلام هي الأصول التي بُني عليها شرع محمد - صلى الله عليه وسلم - وتُشكل أعظم الواجبات التي تلزم المسلم. وقد ذكرها النبي - صلى الله عليه وسلم - مجتمعة في حديثين صحيحين. قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث جبريل: "الإسلام شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله من استطاع إليه سبيلا"[1].
وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بُني الإسلام على خمس، شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت"[2].
س. بماذا يدخل الإنسان إلى الإسلام؟
ج. يدخل الإنسان إلى الإسلام بنطقه شهادة أن لا إله إلاّ الله، محمد رسول الله، ولو مرة في حياته، وذلك بإجماع العلماء.
س. وما معنى شهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمدا رسول الله؟
ج. فشهادة أن لا إله إلاّ الله وأن محمدا رسول الله تنقسم إلى شقين متلازمين لا ينفك أحدهما عن الآخر.
الشق الأول: شهادة أن لا إله إلاّ الله، وتشتمل على حق الله تعالى الذي هو إفرادُه في العبادة.
الشق الثاني: شهادة أن محمدا رسول الله، وتشتمل على حق النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي هو إفراده في الاتباع. فلا يمكن أن يَقبل الله منك شهادة أن لا إله إلاّ الله حتى تكون على شرع رسول الله. قال الله تعالى: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً ﴾[3].
وأما معنى أشهد أن لا إله إلاّ الله، أي أعتقد بقلبي وأُقر بلساني وأبرهن بجوارحي أنْ لا معبود بحقّ إلا الله تعالى[4]. فمعنى إله أي معبود، فيكون المعنى لا معبود بحقّ إلاّ الله. فكما نرى المعبودات كثيرة، فقد عُبد القمر والشمس وأُلّهت الكواكب، بل نجد في بلد كالهند آلاف المعبودات، كلها أُلّهت بالباطل، إلا الله سبحانه وتعالى هو الذي عُبد بالحق وحده لا شريك له، لأنه هو الخالق الرزاق المالك المدبر لشؤون خلقه. قال سبحانه وتعالى: ﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِير ﴾[5].
وتشتمل لا إله إلاّ الله على ركنين:
الركن الأول: نفي استحقاق العبادة عن غير الله وهو مُضمّن في "لا إله". الركن الثاني: إثبات استحقاق العبادة لله وهو مُضمّن في "إلا الله". قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ ﴾[6]. فقد نفى إبراهيم عليه السلام استحقاق العبادة عن غير الله في قوله: ﴿ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ ﴾، وأثبت استحقاقها لله سبحانه في قوله: ﴿ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ ﴾. وقال سبحانه وتعالى: ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾[7]. ولا يمكن أن يُحقّق العبد لا إله إلاّ الله حتى يستوفي سبعة شروط وهي العلم واليقين والصدق والإخلاص والمحبة والقبول والانقياد.
الشرط الأول: العلم بلا إله إلا الله وهو إدراك معنى لا إله إلاّ الله بدليله. فالإنسان لا يمكن أن يعمل بشيء ويُطَبّقه في حياته حتى يعلمه. فالعلم لازم للعمل، قال الله تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ اللَّهُ ﴾[8]. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من مات وهو يعلم لا إله إلاّ الله دخل الجنة"[9].
الشرط الثاني: اليقين وهو اعتقاد لا إله إلا الله من غير شك. قال سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾[10]. وقال تعالى في سورة إبراهيم عليه السلام: ﴿ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ﴾[11].
الشرط الثالث: الصدق وهو استقامة الظاهر والباطن على توحيد الله سبحانه وتعالى وطاعته. قال سبحانه وتعالى: ﴿ يا أَيُّهَا الََّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصّادِقينَ ﴾[12]. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما من أحد يشهد أنْ لا إله إلاّ الله وأن محمدا رسول الله، صدقا من قلبه، إلاّ حرّمه الله على النار."[13]. وضد الصدق النفاق، فهو من أشرَّ الكفر بالله ويعني إبطان الكفر وإظهار الإسلام. قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ ﴾[14].
الشرط الرابع: الإخلاص، وهو الابتغاء بلا إله إلا الله والعمل بها وجَه الله تعالى وثوابه دون رياء ولا سمعة. قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ﴾[15]. وقال سبحانه وتعالى أيضا: ﴿ قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي ﴾[16]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلاّ الله خالصا من قلبه، أو من نفسه "[17]. وللإخلاص قوادح تفسده، يجب معرفتها واجتنابها.
[/b]